اشار البطريرك بشارة الراعي الى اننا "نصلّي كي يفتح المسؤولون المدنيّون والسياسيّون عندنا في لبنان قلوبهم وعقولهم لأنوار الروح القدس ومواهبه فيضعوا حدًّا لعادة التعطيل، ويسرعوا في حسم الوضعِ الحكوميِّ والتحضيرِ لانتخابِ رئيس جديد للجمهوريّةٍ من دونِ أي إبطاء. لا يمكن إبقاء البلاد بدونٍ حكومةٍ وبدونِ رئيسِ للجمهوريّة. وحان الوقتُ لنحسمَ أمام العالم ما إذا كنا جَديرين بهذا الوطن وبتكوينِه التعدديّ. ولفت الى إن أداءَ الجماعةِ السياسيّة يُثير اشمئزازَ الشعبِ والعالم، إذ يعطي الدليلَ يوميًّا على فُقدان المسؤوليّةِ والاستهتارِ بألآمِ الشعب ومصيرِ لبنان. هذه مرحلةٌ دقيقة تستدعي اختيارَ رئيسِ حكومةٍ يَتمتّع بصِدقيّةٍ ويكونُ صاحبَ خِبرةٍ ودرايةٍ وحكمةٍ في الشأنِ العامّ ليتمكّنَ من تشكيل حكومة مع فخامة الرئيس بأسرع ما يمكن من أجل اتّخاذِ القراراتِ الملِحّة، وأوّلها المباشرة بالإصلاحات الحيويّة والمنتظرة. ولذا نرفضُ تمضيةَ الأشهرِ القليلةِ الباقيةِ من هذا العهد في ظلِّ حكومةِ تصريفِ الأعمال. ونرفضُ الشغورَ الرئاسيَّ والفراغَ الدستوريَّ لأنّهما مرادِفان هذه المرّة لتطوّراتٍ يَصعُب ضبطها دستوريًّا وأمنيًّا ووطنيًّا.
ولفت الراعي في عظة ختام السينودس البطريركي في بكركي، الى انه أمام هذا الواقع الصعب والحرّ، شعبنا يتطلّع إلى الكنيسة، وواجبنا الراعويّ يقتضي منّا المزيد من العطاء على مستوى البطريركيّة والأبرشيّات والرهبانيّات، وبالتنسيق مع رابطة كاريتاس-لبنان، جهاز الكنيسة الإجتماعيّ، ومع مثيلاتها. في سبيل حماية شعبنا على أرض الوطن، وعيشه بكرامة، يقتضي منّا واجبنا الراعويّ وضع كلّ قوانا وإمكانيّاتنا ومؤسّساتنا لهذه الغاية.
واشار الى إنّنا معكم أيّها الإخوة الأجلّاء، نطالب الأسرة الدوليّة بالتخفيف عن كاهل لبنان المرهق إقتصاديًّا ومعيشيًّا، من خلال إيجاد حلٌّ نهائيٌّ لوجودِ اللاجئين الفلسطينيّين والنازحين السوريّين على أرض لبنان. فالمشاعرُ الإنسانيّةُ والأخويّةُ التي نَكُـــنُّــها لهذين الشعبين الشقيقين، لا تُلغي التفكيرَ الوطنيَّ بمصلحةِ لبنان. لا يمكن القبول بأنّ أطرفًا عديدةً، لاسيّما على الصعيدِ الدُوليِّ، تَعتبر اللاجئين والنازحين واقعًا لا بُدَّ من التكيّفِ معه إلى حدِّ الدمجِ والتوطينِ والتجنيس. فكيف تدّعي هذه الدولُ حرصها على استقلال لبنان واستقراره، وتعمل على ضرب وحدته؟ هذا منطقٌ تدميريٌّ يؤدّي حتمًا إلى تقويضِ وِحدةِ لبنان، ويَفرِضُ علينا التصدّي له إنقاذا لكيانِ لبنان ودستورِه الحاليّ وصيغتِه الميثاقية.
واردف "صحيحٌ إنَّ التجديدَ مؤخّرًا لوكالةِ اللاجئين الفلسطينيّين "الأونروا" وتمويلَها أمران ضروريّان لكنهما غيرُ كافيَين. لم يَعُد المطلوبُ إدارةَ وجودِ اللاجئين الفِلسطينيّين في لبنان بل السعي الجِدّيِ إلى حلِّ هذه المسألة، خصوصًا بعد أن تَنصَّلَ الجميعُ من قرارِ "حقِّ العودة". فإسرائيل لا تَرفض فقط عودةَ اللاجئين بل تُشرِّدُ يوميًّا الفِلسطينيّين المقيمين في الضِفّةِ الغربيّةِ وقطاع غزّة. لذلك وَجَبَ على الدولةِ اللبنانيّةِ أن تقومَ بجُهدٍ استثنائيٍّ من خلالِ التفاوضِ مع السلطةِ الفِلسطينيّةِ والجامعةِ العربيّةِ والأممِ المتّحدةِ والدولِ الكبرى حولَ مشروعِ إعادةِ انتشارِ اللاجئين في دولٍ قادرةٍ على استيعابِـهم ديمغرافيًّا وتأمينِ حياةٍ إنسانيّةٍ واجتماعيّةٍ كريمةٍ لهم. شعبُ فِلسطين لم يُخلق ليعيشَ في مخيّمٍ بل في مجتمعٍ يوفّر له السكن والعلم والعمل والرفاه. وكيانُ لبنان لم ينشأ ليكون أرضَ توطينِ شعوبِ الـمِنطقة. وكذلك بالنسبة إلى النازحين السوريّين، فقد حان الوقت ليعودوا إلى بلادهم وبناء وطنهم واستكمال تاريخهم وحماية حضارة أرضهم".